الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ ، اللهمَّ صلِّي على عبدكَ ونبيكَ وخليلكَ الناطقِ بوحيكَ ، والذي جعلتهُ لسان الصِّدقِ الابديِّ ، سيدّنا مُحَمَّد وعلى آلهِ وأزواجهِ وذريِّتهِ وباركْ وسلِّم , كما تحبهُ وترضاهُ آمين.
وبعد :-
فتفضلوا معي أيها ألاكارم ، للاطلاع على هذه النفحات المباركة ، منْ معجزاتِهِ صلَّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلَّم ، الغيبيةِ ، والتي تفضل بها الباحث الاستاذ الدكتور [ زغلول النجار ] ، غفرَ اللهُ تعالى لهُ ولولديهِ ، ولنا ولوالدينا ، ولجميعِ المسلمينَ آمين0
قالَ الذي لا ينطق عن الهوى ، صلَّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلَّم : [ لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ، تُضِيءُ أَعْنَاقَ الإِبْلِ بِبُصْرَى ]( متفقٌ عليهِ )
في هذا الحديثِ الشريفِ ، إشارة علمية دقيقة ، إلى حقيقةٍ منْ حقائقِ ، [ أرض الحجازِ ] ، لمْ تُدركْ إلا في منتصفِ القرنِ العشرين ، حينَ بُدئَ في رسمِ الخريطةِ الجيولوجيةِ ، لأرضِ شبه الجزيرةِ العربيةِ , وكانَ منْ نتائجِ ذلكَ ، انتشار الطفوحِ البركانيةِ ، على طولِ الساحلِ الغربيِّ ، لجزيرةِ العربِ ، ( منْ عدن جنوبًا إلى المرتفعاتِ السوريةِ شمالاً ) , عبرَ كلّ منْ الحجازِ والأردنِ , وفلسطين , مغطية مساحة ، منْ تلكَ الطفوح ، تقدر بحوالي مائة وثمانين ألفًا (180.000 كم2) منْ الكيلومترات المربعة , ومكونة واحدًا ، منْ أهمِّ أقاليم النشاط البركاني الحديثِ في العالمِ , ويقع نصف هذهِ المساحةِ تقريبًا ، في أرضِ الحجازِ ( حوالي تسعين ألفًا منْ الكيلو مترات المربعة ) موزعة في ثلاثةِ عشر حقلاً بركانيًا ، تُعرف باسمِ [[الحراتِ]] , وأغلب هذهِ الحراتِ : تمتد بطولِ الساحلِ الشرقيِّ للبحرِ الأحمرِ ، ممتدة في داخلِ أرض الحجازِ ، بعمقٍ يتراوح بينَ ( 150 كيلو مترًا , 200 كيلو مترًا ) , ويعتقد بأنَّ هذهِ الطفوحِ البركانيةِ ، قد تدفقتْ عبرَ عددٍ منْ الصدوعِ الموازيةِ ، لاتجاهِ البحرِ الأحمرِ , ومنْ فوهاتِ مئاتٍ منْ البراكينِ المنتشرةِ ، في غربِ الحجازِ , كما يُعتقد بأنَّ تلكَ الصدوعِ والبراكين ، لا تزال نشطة ، منذ نشأتها وإلى يومنا الحاضرِ , سببتْ العديد منْ الهزَّاتِ الأرضيةِ , كما تمَّ مشاهدة تصاعد أعمدة منْ الغازاتِ والأبخرةِ الحارةِ ، منْ عددٍ منْ تلكَ الفوهاتِ البركانيةِ ، والحراتِ الثلاث عشر ، المنتشرة في أرضِ الحجازِ ، هي منْ الجنوبِ إلى الشمالِ : [[ حرة السراة , البرك , البقوم , النواصف , هادان , الكشب , رهط , حلة أبو نار , خيبر , إشارة , العويرض , الشامة والحماد , بالإضافة إلى عددٍ آخرٍ ، منْ الحراتِ الصغيرةِ ، في مساحاتها ]] ، وتقع المدينة المنورةِ : ( على ساكنها أفضل الصَّلاة وأزكى التسليم ) بينَ حرةِ رهطٍ في الجنوب , وحرة خيبرٍ في الشمال , وتمتد حرة رهط بين المدينة المنورة شمالاً , ووادي فاطمة ( رضيَ اللهُ تعالى عنها وأرضاها ) بالقربِ منْ مكة المكرمة جنوبًا ، عبر مسافة تقدر بحوالي (310 كيلو مترًا في الطولِ , وستين كيلو مترًا في متوسطِ العرضِ ) لتغطي مساحة ، تقدر بحوالي ( 19830 كيلو مترًا مربعًا , بسمك متوسط ، حوالي المائة متر وإن كان يصل إلى أربعمائة مترًا في بعض الأماكن ) ، ويوجد في حرةِ رهطٍ وحدها أكثر منْ سبعمائة فوهة بركانية , ويعتبر الجزء الشمالي منْ حرةِ رهطٍ ، والذي يقع إلى الجنوبِ ، منْ المدينةِ المنورةِ مباشرة ، منْ أكثرِ أجزاء تلك الحرة نشاطًا ، لأنهُ قدْ شهدَ أكثر منْ ثلاثةِ عشر ، ثورة بركانية ، وتدفقًا للحممِ خلال الخمسة آلاف سنة الماضية ( بمتوسط ثورة بركانية واحدة ، كلّ أربعمائة سنة تقريبًا ) منها ثورة [ سنة 21 هجرية (644 ميلادية)] و ثورة [ 654 هـ (1256 ميلادية)] واللتينِ سُبقتا بعددٍ منْ الهزَّاتِ الأرضيةِ العنيفةِ ، وأصواتِ الانفجاراتِ الشديدةِ ، وقدْ كونت الثورة البركانية الأخيرة (654 هـ / 1256 م) ستة مخاريط بركانية جديدة , ودفعت بطفوحها ، لمسافةٍ زادتْ على ثلاثةٍ وعشرينَ كيلو مترًا ، منْ الشمالِ إلى الجنوبِ , وامتدتْ ، حتى الطرف الجنوبي ، لموقعِ مطار المدينة المنورة الحالي , ثُمَّ تحولتْ ، إلى الشمالِ لطفاً ، بأهلِّ المدينةِ , وكرامةً لساكنِها صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، عندها قد أصابَ الناس كثيرٌ منْ الذُعرِ والهلعِ ، ويوجد في حرةِ خيبر ، أكثر منْ أربعمائة فوهة بركانية ، تضم عددًا منْ أحدثِ تلكَ الفوهاتِ عمدًا وأكثرها نشاطًا , فقد تمَّ تسجيل أكثر منْ ثلاثمائةٍ هزَّة أرضية خفيفة , حول إحدى تلكَ الفوهاتِ البركانيةِ ، في سنةٍ منْ السنواتِ الماضيةِ , مِمَّا يُوحي بتحركِ الصهارةِ الصخريةِ ، تحتَ ذلكَ المخروطِ ، ويهدد بإمكانيةِ انفجاره بثورةٍ بركانيةٍ عارمةٍ ، وتشير الدراسات العلميةِ ، التي أُجريتْ على [ منطقةِ الحجازِ ] ، إلى أنَّ الثورات البركانيةِ ، التي كَونتْ حرة رهطٍ ، قدْ بدأتْ منذُ عشرة ملايين منْ السنينِ على الأقلِ , تميزتْ بتتابعِ عددٍ منْ الثوراتِ البركانيةِ ، التي تخللتها فترات منْ الهدوءِ النسبيِّ , ونحنُ نحيا اليوم ، في ظلِ إحدى هذهِ الفتراتِ الهادئةِ نسبيًا ، ومعنى هذا الكلام ، أنَّ المنطقةَ مُقبلةٌ حتمًا ، على فترةٍ منْ الثوراتِ البركانيةِ ، تندفع فيها الحمم ، منْ تلكَ الفوهاتِ والصدوعِ ، كما اندفعتْ منْ قبلِ ، بملايين الأطنانِ ، فتملأ المنطقة نارًا ونورًا ، تصديقًا لنبوءةِ المُصطفى صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، التي قالَ فيها : [ لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ، تُضِيءُ أَعْنَاقَ الإِبْلِ بِبُصْرَى ]( متفقٌ عليهِ ) ، وبصرى مدينةٌ ، في جنوبِ بلادِ الشامِ ( سوريا ) كذلكَ فإنَّ حرةَ خيبر ، تُعتبر أكبر هضبة بركانية ، في أرضِ الحجازِ ، حيثُ تُغطي ، قرابة ( العشرين ألف كيلو مترًا مربعًا ) , بسمكٍ يترواحُ ( بينَ الخمسمائة والألف متر) , يمثلُ عدَّة طفوحٍ بركانيةٍ متتاليةٍ , يتركز أحدثها ، في وسطِ الحرةِ ، حيثُ تنتشر غالبية الفوهاتِ البركانيةِ الحديثةِ ، في حزامٍ يمتد بطولِ ( ثمانين كيلو مترًا ) موازيًا لاتجاهِ البحرِ الأحمرِ , وبعرضِ ( 15 كيلو مترًا في المتوسطِ ) , وقدْ تمَّ تسجيل زلزالينِ كبيرينِ ، وقعا في حرةِ خيبرٍ , أحدهما في سنةِ ( 460 هـ ) , والآخر في سنةِ ( 654 هـ ) , وقدْ سبقتْ الزلزال الأخير أصوات انفجاراتٍ عاليةٍ , تلتها ثورة بركانية كبيرة , وصاحبتها هزَّات أرضية ، استمرتْ بمعدلِ [ عشر هزَّا ت يوميًا ] لمدةِ خمسةٍ إلى ستةِ أيامٍ ، قُدرتْ شدة أكبرها ( بخمسةِ درجاتٍ ونصفِ الدرجةِ ) على مقياسِ ريختر, وقدْ كونتْ هذهِ الثورةِ البركانيةِ الأخيرةِ ، عددًا منْ المخاريطِ البركانيةِ , ورفعتْ بملايين الأطنانِ ، منْ الحممِ في اتجاهِ الجنوبِ , ولا تزال تلكَ المخاريطِ ، تتعرض لأعدادٍ كبيرةٍ ، منْ الرَّجفاتِ الاهتزازيةِ الخفيفةِ ، التي تُوحي بأنَّ الصَّهاراتِ الصخريةِ ، تحتَ المخروطِ البركانيِّ ، لا تزال نشطة , مِمَّا يؤكد حتمية ، وقوعِ ثوراتٍ بركانيةٍ عارمةٍ ، تخرجُ منْ [ أرضِ الحجازِ ] في المستقبلِ ، الذي لا يعلمهُ إلا اللهَ تعالى , وذلكَ تصديقًا لنبوءةِ النَّبيِّ الخاتمِ , والرَّسولِ الخاتمِ ، صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، وشهادة لهُ بالنَّبوةِ وبالرِّسالةِ , وبأنهُ : ( عليهِ أفضل الصَّلاة وأزكى التسليمِ ) كانَ موصولاً بالوحيِّ , ومعلمًا منْ قبلِ خالق السماواتِ والأرضِ .